ريادة السعودية في الذكاء الاصطناعي- أخلاقيات، حوكمة، واعتمادات عالمية

المؤلف: «عكاظ» (الرياض)08.23.2025
ريادة السعودية في الذكاء الاصطناعي- أخلاقيات، حوكمة، واعتمادات عالمية

تولي المملكة العربية السعودية، ممثلة بالهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي (سدايا)، أهمية قصوى لتبني الحلول المبتكرة وتسخير إمكانات الذكاء الاصطناعي في كافة قطاعاتها الحيوية. وتلتزم المملكة بتطبيق أرقى المعايير العالمية، والتقيد بالقوانين والسياسات والتشريعات المتعلقة بإدارة أنظمة الذكاء الاصطناعي، بهدف ضمان تطبيق المبادئ الأخلاقية، وتعزيز الاستخدام المسؤول، وحوكمة استخدامات الذكاء الاصطناعي المتنوعة، لدعم جهود التحول الرقمي في المملكة، بما يتماشى مع أهداف رؤية المملكة 2030 الطموحة.

يأتي هذا الاهتمام المتزايد في ظل التطورات العالمية المتسارعة في استخدامات تقنيات الذكاء الاصطناعي، وتغلغلها في مختلف مناحي الحياة، سواء على مستوى المؤسسات أو الأفراد. وقد أدت هذه التطورات إلى ظهور تحديات متعددة، دفعت دول العالم، وعلى رأسها المملكة، إلى العمل على وضع أسس راسخة لضبط أخلاقيات استخدامات الذكاء الاصطناعي، وتنظيم العمل بها، بما يحقق الخير والمنفعة للبشرية جمعاء.

وفي ضوء الدعم المتواصل والمستمر من صاحب السمو الملكي ولي العهد رئيس مجلس الوزراء رئيس مجلس إدارة «سدايا» الأمير محمد بن سلمان، حفظه الله، يتم العمل على تعزيز الوعي بالسياسات وأحكام الأنظمة واللوائح والقرارات ذات الصلة بالبيانات والذكاء الاصطناعي، باعتبار «سدايا» هي المرجع الوطني الموثوق للبيانات والذكاء الاصطناعي في كل ما يتعلق بتنظيمه وتطويره والتعامل به في المملكة.

وانطلاقاً من هذه الجهود الوطنية الملموسة، أصدرت «سدايا» في عام 2024 وثيقة إطار تبني الذكاء الاصطناعي، وهي بمثابة دليل إرشادي شامل يقدم إطاراً متكاملاً لتبني الذكاء الاصطناعي في جميع القطاعات في المملكة. وتهدف هذه الوثيقة إلى وضع التوجهات والإرشادات الواضحة، وتحديد الخطوات الرئيسية وفقاً لأفضل الممارسات المتبعة لتبني الذكاء الاصطناعي، بما يضمن الاستخدام الأمثل والمسؤول لتقنيات الذكاء الاصطناعي، وتحقيق النتائج المرجوة والتطلعات المنشودة.

تساهم هذه الوثيقة القيمة في بناء مجتمع معرفي مزدهر، قائم على الابتكار والتطوير الدائم، وتقديم التوجيهات والإرشادات الضرورية، وتحديد الخطوات والإجراءات الهامة وفقاً لأفضل الممارسات العالمية، مما يضمن التبني الأمثل والمسؤول لتقنيات الذكاء الاصطناعي، وتحقيق خطوات ناجحة ومثمرة نحو التحول لاستخدام أدوات الذكاء الاصطناعي في المملكة على الوجه الأمثل الذي يحقق الفائدة المرجوة.

وفي هذا السياق، حصلت «سدايا» على اعتماد منظمة الآيزو العالمية «ISO 42001:2023» لعام 2024، المعنية بأنظمة إدارة الذكاء الاصطناعي، لتكون بذلك أول جهة على مستوى العالم تحظى بهذا الاعتماد المرموق، وذلك تقديراً لتطبيقها مجموعة من المعايير والممارسات المتميزة والمتعلقة بإدارة الذكاء الاصطناعي، في خطوة تؤكد بجلاء تفوق المملكة في مجال البيانات والذكاء الاصطناعي وريادتها العالمية.

تعتبر مواصفة منظمة الآيزو «ISO 42001» المواصفة الأولى من نوعها على مستوى العالم والمتخصصة في نظام إدارة الذكاء الاصطناعي. وحصول «سدايا» على هذا الاعتماد يمثل إضافة قيمة لمسيرة الاعتمادات الدولية التي حصلت عليها في المجالات المتعلقة بالبيانات والذكاء الاصطناعي، ويؤكد التزامها الراسخ بتحقيق أعلى معايير الجودة والتميز المؤسسي في مختلف جوانب عملها المتعلقة بالذكاء الاصطناعي. كما يعزز هذا الإنجاز الثقة والاعتراف بـ «سدايا» كشريك موثوق ومهني يلتزم بأعلى معايير الجودة في كفاءة العمليات التي تديرها عبر منتجاتها الرقمية المتنوعة.

وامتداداً لمسيرة التميز السعودي على الساحة العالمية، أقرت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD) بشراكتها الإقليمية المثمرة مع المملكة في مجال سياسات الذكاء الاصطناعي، وهي المنظمة الرائدة على مستوى العالم في مجال سياسات ومبادرات الذكاء الاصطناعي الموثوق. مما يعزز الدور الريادي الذي تضطلع به المملكة إقليمياً وعالمياً في مجال حوكمة الذكاء الاصطناعي.

وفي ختام هذه الجهود، أعلنت المنظمة المرموقة عن انضمام المملكة، ممثلة في «سدايا»، إلى توصيتها بشأن الذكاء الاصطناعي، التي تعد أول معيار دولي في هذا المجال الحيوي. وتهدف هذه التوصية إلى تعزيز الابتكار وبناء الثقة في تقنيات الذكاء الاصطناعي من خلال تطبيق الحوكمة المسؤولة لهذه التقنيات، بما في ذلك تقنيات الذكاء الاصطناعي التوليدي والعام.

وعلى الصعيد المحلي، بادرت «سدايا» بإطلاق أداة التقييم الذاتي لأخلاقيات الذكاء الاصطناعي عبر منصة حوكمة البيانات الوطنية. وتهدف هذه الأداة المبتكرة إلى مساعدة الجهات الحكومية والخاصة، وكذلك المطورين الأفراد، في قياس مدى التزامهم بالمبادئ الأخلاقية عند تطوير وتطبيق تقنيات الذكاء الاصطناعي، وتمكين الجهات من إجراء تحليل منهجي وشامل لمدى التزامها بالمعايير الأخلاقية الرفيعة.

تمكن أداة التقييم الذاتي لأخلاقيات الذكاء الاصطناعي الجهات المعنية من تعزيز الشفافية والموثوقية في تطوير تطبيقات الذكاء الاصطناعي، وتحقيق التوافق مع أفضل الممارسات العالمية، والإسهام الفعال في ضمان تطوير تقنيات ذكاء اصطناعي متميزة تخدم المجتمع وتعزز من مكانة المملكة المرموقة.

تهتم هذه الأداة بتحقيق المزايا الاجتماعية والبيئية من خلال إحداث أثر إيجابي ملموس على المجتمع والبيئة، إلى جانب حماية الخصوصية وضمان أمان بيانات الأفراد، مع التركيز الشديد على الموثوقية والسلامة لضمان عمل الأنظمة بكفاءة وفاعلية، وتعزيز الشفافية والقابلية للتفسير لتمكين الفهم الواضح لآليات عمل النماذج وقراراتها.

وفي السياق ذاته، أصدرت «سدايا» تقريراً متخصصاً معمقاً حول "التحيز في أنظمة الذكاء الاصطناعي"، بهدف تسليط الضوء على التحديات الجسام التي تواجه تطوير وتبني أنظمة الذكاء الاصطناعي، في ظل التوسع المطرد الذي تشهده العديد من الدول والمنظمات والشركات العالمية في تفعيل تطبيقات الذكاء الاصطناعي بشكل ملحوظ في عدد من القطاعات الحساسة والحيوية، وما صاحب ذلك من قلق متنام من تسرب التحيز إلى أنظمة الذكاء الاصطناعي، لاسيما تلك المرتبطة باتخاذ القرارات المصيرية.

سياسة الخصوصية

© 2025 جميع الحقوق محفوظة